أم هانئ رضي الله عنها
هي : فاختة بنت أبي طالب ، بن عبد المطلب بن هاشم ، سيدة هاشمية فاضلة ، ابنة عم النبي ، تكنى بـ ( أم هانئ ) .
قيل اسمها : فاختة ، وقيل : فاطمة ، وقيل : هند والأول أشهر .( )
أبوها : هو أبو طالب بن عبد المطلب .
وأمها : هي فاطمة بنت أسد .
زوجها : هو هبيرة بن عمرو المخزومي القرشي ، وكان واحداً من أشراف بني المرموقين ، وأنجبت له أربعة بنين ، هم :
عمرو ، وجعدة ، وهانئ ، يوسف.
أسلمت رضي الله عنها يوم فتح مكة العظيم ، وفر زوجها بشركه بعد إسلامها إلى اليمن ، فأقام في نجران شريداً طريداً ، بلا زوج ولا ولد .
وكان شاعراً ، وقد علَّق على إسلام زوجته أم هانئ بقوله :
وعاذلةٍ هبت بليل تلومني وتعذلني بالليل ضل ضلالها
وتزعم أني إن أطعت عشيرتي سأردى وهل يرديني إلا زوالها
وظل هبيرة مقيماً في نجران على كفره حتى أدركه الموت .
رسول الله يخطب أم هانئ
كانت أم هانئ ترعى أولادها وتحافظ عليهم ، حيث أن رسول الله خطبها ، فقالت له : يا رسول الله ، إني امرأة ذات صبيان ، وإني أخاف أن يؤذوك ، فترك رسول الله ذلك الموضوع وصرف النظر عنه .
عن أبي هريرة قال : خطب النبيُّ أمَّ هانئ بنت أبي طالب ، فقالت : يا رسول الله إني قد كبرتُ ولي عيال ، فقال رسول الله :" خيرُ نساء ركبن الإبل ، أحناه على ولد في صغره ، وأرعاه على زوج في ذات يد".( )
قوله : "أحناه على ولد في صغره" هو رأفتها على بولدها وشفقتها عليه في تربيته وتركها الزواج بعد موت أبيه .
والحانية: هي التي تقيم على ولدها ولا تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية.( )
وقوله : "وأرعاه على زوج في ذات يد" معناه : أحوطهن وأحفظهن لماله وحسن التدبير فيه والأمانة عليه .( )
قال الأبي : يحتمل والله أعلم أن خطبته كانت تطييباً لنفسها وإلا فكانت من الكبر بحيث لا يرغب فيها ، ولا يبعد أنها فهمت ذلك لم ترد خطبته .( )
النبي يزور أم هانئ
كان النبي يزور أم هانئ في بيتها ويقيل عندها ويقبل مشورتها ولا يخالف رأيها.
تقول أم هانئ رضي الله عنها : ذهبت إلى رسول الله يوم الفتح ، فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب ، فسلمت ، فقال : "من هذه ؟" قلت : أنا أم هانئ ، فقال : "مرحباً بأم هانئ" ، فلما فرغ من غسله ، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفاً في ثوب واحد ، فقلت : يا رسول الله ، زعم إن أمي تعني علياً أنه قاتل رجلاً قد أجرته ، فلان ابن هبيرة ، فقال النبي :" قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ "، وذلك ضحى .
وفي يوم الفتح العظيم – فتح مكة – دخل رسول الله بيت أم هانئ وسألها : "هل عندكم طعام نأكله" .
فقالت : ما عندي يارسول الله إلا شيءٌ من خَلٍّ ، فقال لها النبي : "قربيه فما أفقر بيت من أدم فيه خل" .( )
وفي رواية : "ما أقفر من أدم بيت فيه خل" .( )
بكت أم هانئ أخا الحبيب علي بن أبي طالب ، بعد أن قتله المجرم الحاقد عبد الرحمن بن ملجم حين غدر به وضربه بسيفه .
أم هانئ وذكرها لله تعالى
قالت أم هانئ رضي الله عنها : مرّ بي النبي ذات يوم فقلت : يا رسول الله ! إني قد كبرت وضعفت ، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة ، قال : "سبحي الله مائة تسبيحة ، فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله ، وكبِّري الله مائة تكبيرة ، فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة ، وهلِّلي الله مائة تهليلة" .( )
وفاتها
وحزنت أم هانئ على أخيها أشد الحزن ، وتراكمت عليها الأحزان ، ولم تستطع مقاومتها ، ففاضت روحها إلى بارئها رحم الله ورضي عنها .
قال الذهبي : عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين ، وتأخر موتها إلى بعد الخمسين .( )
وقال الترمذي وغيره : عاشت بعد علي بن أبي طالب .( )
فرضي الله عنها وأرضاها ، وجعل مثواها الفردوس الأعلى .